الأحد، 4 سبتمبر 2011

البنات و دراهمهن الذهبية



توفي السيد محمد و ترك ثلاث بنات – أمل و عمل و جمل-  و ترك لهن بيتا يأويهن و ثلاث دراهم ذهبية.
قررت أمل أن تحتفظ بدرهمها لما قد يخبؤه القدر لها، و قررت أن تعمل لتجني ما يكفي لتأمين حياة كريمة لها و لأختيها الصغيرتين "عمل" و "جمل".

أما "عمل" فقد قصدت أقرب بنك لها و أودعتهم درهمها الذهبي على أن تجني نسبة معينة من الأرباح. فنصحها البنكي أن تستثمر في أحد صناديق الإستثمار التابعة للبنك لأن ذلك سيعود عليها بأرباح وفيرة و أنها لن تخشى شيئا لأن البنك لا يستثمر في الأشياء الغير مضمونة و بالتالي فلا خوف علي درهمها الذهبي. شعرت أمل بفرح كبيرة و سلمته الدرهم و جعلها البنكي توقع على العديد من الأوراق، كان كلما دفع  لها بورقة لكي توقعها إلا و ابتسم و قال هذه تصلح لكذا و هذه لكذا و تلك لكذا.


أما "جمل" فقد كانت صغيرة جدا فقررت أمل أن تحتفظ لها بدرهمها إلى أن تكبر و تتصرف فيه بمعرفتها.

بعد مرور سنة:

دخلت "عمل" شاحبة الوجه و يديها ترتعشان و قلبها يدق و عيناها تنزفان بدل الدمع دما، توجهت بسرعة لغرفتها و أخرجت الأوراق التي وقعتها للبنك قبل سنة و بدأت تقرأها في بحث عن بند تتكئ عليه لاسترجاع درهمها.  هل تعرفون ما هي الأوراق التي و قعتها "عمل" ؟

هي كمثل من مر بأحد المحلات التجارية و رأى معطف كشمير مثيرا و بنصف ثمنه الأصلي و كتب عليه "تخفيضات 24 ساعة" فأسرع و اشتراه. لكن ما إن وصل فصل الشتاء ببرده القارص حتى تذكر معطفه و لبسه في تحد للبرد و قسوته، ثم خرج فاستفرد به البرد و جمد أطرافه. فلما عاد للبيت و خلع المعطف لمح شارة المعلومات و قد كُتِب عليها " الكشمير 5 في المائة و الباقي ... ليس كشمير". لم يَكن هذا الشخص ليقع في المشكل لو أخد قليلا من الوقت- بعيدا عن إبهار المحل و الأشياء التي رُتبت بطريقة عِلمية لتستدرج المشتري رغما عن أنفه- و قرأ بتمعن كل المعلومات الخاصة بما يشتريه، فالقانون يفرض على البائع أن يدلي بهذه المعلومات و لكنه لا يحمي المغفلين.

هذا بالضبط ما وقع ل"عمل"، فهي لا تعرف ماذا فعل البنك بدرهمها إلا ما قيل لها، و في نفس الوقت تستغرب كيف للبنك الذي أخبرها بأنه خسره استثماره في البورصة- أن يوزع على المسؤولين على الخسارة من "المتضاربين" مكافآت تُقدر بالملايين؟

قَرَأت كل الأوراق التي وقعتها، و خرجت بخلاصة مفادها أن البنكي الذي شجعها على الاستثمار لم يكذب و لكنه تجنب –لغاية في نفس يعقوب-  التكلم عن الوجه الآخر للاستثمار. بعد أن أنهت قراءة كل الوثائق فهمت أن جهلها و تسرعها دفعاها للقيام بخطوة غير محسوبة، و أنها لن تستطيع أن تثبت  فيما اٌستثمِرت مالها لأنها تعيش في بلد لا توجد فيه صحافة تبحث عن حقيقة ما تفعل اللوبيات المالية.
فهمت "عمل" لكن بعد أن ضاع درهم أبيها الذي لا و لن يعوض.

في التدونة المقبلة سنشرح ماذا يفعل البنك بدراهمنا الذهبية :)

أطلسية... بداية جديدة




أطلسية مدونة اقتصادية مغربية  ناطقة باللغة العربية، تعمل على دمقرطة الفكر الاقتصادي و توعية المجتمع العربي عامة و المغربي خاصة بما له و ما عليه اتجاه كل المتعاملين معه من مؤسسات مالية و اقتصادية بشقيها العام و الخاص.

تأمل مدونة أطلسية في تبسيط المفاهيم التي تهم المجال المالي و الاقتصادي عبر طرحها بطريقة سهلة و بسيطة تخاطب القارئ كيف ما كان مستواه و تخصصه العلمي.

مدونة أطلسية مدونة مستقلة غير تابعة لأي فكر سياسي أو اقتصادي و يسهر على خدمتكم من خلالها كفاءة مغربية شابة و متخصصة.