الثلاثاء، 10 يناير 2012

البورصة




الهدف من هذا المقال هو تقريب و تبسيط مفهوم الأسواق المالية و نبقى منفتحين على أسئلتكم لإغناء محتوى المدونة.

ما هي البورصة؟

 البورصة هي عبارة عن سوق يُمَكِن من إلتقاء العرض و الطلب اللذين يخصان رؤوس الأموال.  ما يميز البورصة عن باقي الأسواق التي نعرفها (كسوق الخضر، سوق السمك، سوق الحبوب،الأسواق الاسبوعية ...) هو أن العرض و الطلب مرتبطان بقيم مالية. بطريقة أخرى نعرض قيمة مالية مقابل شراء قيمة مالية أخرى.

 ماذا؟ لم تفهم؟ أنظر للمثال أسفله:

قررت الحاجة محجوبة شراء 100 سهم اتصالات المغرب، و دفع مقابل هذه الأسهم 5000 درهم (لنفترض ان قيمة السهم الواحد هو 50 درهم)

ملاحظة : شراء أو بيع الأسهم يشمل تفاصيل اخرى كتكلفة الخدمات البنكية للبنك المسؤول عن تنفيذ الصفقة و أشياء أخرى لا داعي للخوض فيها.

الحاجة محجوبة بشرائها لهذه الأسهم دفعت قيمة مالية نقدية وهي  5000 درهم. و في المقابل حصلت على 100 سهم و هو جزء مجموعة الأسهم التي تمثل رأس مال شركة اتصالات المغرب، أي بعبارة أخرى دفعت مالا "على شكل "نقود" و أخد في المقابل مالا على شكل أسهم "قيم مالية".

أهم أنواع هذه القيم هي : الأسهم، السندات، المنتجات المالية المشتقة، و صناديق التحوط ... سنعود لها بتفصيل في تدوينة لاحقة. هذا مجرد تقديم لبعض القيم المالية التي يتم تداولها، سوف ننشر مقال يتناولها بتفصيل أكثر، و لكي يبقى تركيز المقال منصبا على البورصة في حد ذاتها.

تجدر الإشارة كذلك إلى أن البورصة في بعدها القانوني عبارة عن شركة مجهولة الاسم تتوفر مجلس إدارة وإدارة عامة. بالنسبة للمغرب فبورصة الدار البيضاء شركة مجهولة الاسم تملكها مجموعة من الشركات الناشطة في السوق لكنها خاضعة لوصاية وزارة الاقتصاد و المالية.

ما هو دور البورصة؟

تلعب البورصة دورا يلتقي في بعده مع أي سوق أخرى (سوق الطماطم مثلا)، فهي توفر المجال الجغرافي و القانوني و التنظيمي الذي يسهل إلتقاء عارضي رؤوس الاموال و طالبيها.

ما تتميز به البورصة عن باقي الأسواق هو الترسانة القانونية الغنية و المعقدة في نفس الوقت، و دراستها العلمية و تقييمها المدروس رياضيا للمخاطر و نشرها للمعلومات التي تخص السوق بطريقة تقنية حديثة و كذلك تدخلها لضمان حركة الأوراق المالية في حال عجز أحد الوسطاء.

كي لا نستهين بسوق الطماطم، يجب الاشارة إلى أن دراسة المخاطر و استباق التقلبات و تحديد الثمن بناء على التجاذب بين العرض و الطلب و أشياء اخرى بسيطة في شكلها معقدة في بعدها الاقتصادي يقوم بها المتعاملون البسطاء لكن بطريقة عفوية بعيدا عن الدراسات العلمية التي تميز البورصة.

بنية السوق المالية المغربية: 



بنية السوق المالية قد تختلف من بلد لآخر لكن غالبا ما تتم هيكلة البنية حسب نوعية التعاملات. سنركز في هذه الفقرة على بنية السوق المغربية كمثال.
تجدر الإشارة أن داخل كل سوق مالية يمكننا ان نميز فيها أنواع متعددة من الأسواق، مثلا أسواق قصيرة أو متوسطة أو بعيدة المدى، و ذلك حسب نوعية الاستثمار. يمكننا ان نميز عددا من الأسواق كلما غيرنا معيار الإنتقاء.
تتكون البورصة المغربية من سوقين رئيسيين: السوق الكتل و السوق المركزية.

        سوق الكتل: 

في سوق الكتل يتم بيع و شراء القيم المنقولة بالتراضي بين البائع و المشتري. مثلا شركة "مليلية المغربية" إذا  اتفقت مع شركة  "سبتة المغربية" على بيعها كمية معينة من الأوراق المالية "الدولار مثلا" بقيمة 500,000 دهم مغربية، يمكنهما إذن تنفيذ الصفقة دون الحاجة إلى وسيط، تماما كالصفقة التي تنجزها في السوق الأسبوعية و أنت تشتري ثلاثة كيلوغرامات من البطاطس.

تخضع سوق الكتل إلى العديد من الشروط تخص في مجملها السعر و الحد الأدنى للكمية القيم المنقولة في الصفقة، لا داعي للخوض فيها لأنها شروط يراد بها سيادة القانون و النزاهة في هذا الحيز من السوق.

      السوق المركزية :

السوق المركزية هي الحيز من السوق الذي يخصص للتعامل الكلاسيكي في البورصة، أي أن المشترين يصدرون أوامر الشراء و الباعة يصدرون أوامر البيع، و تلتقي طلبات الشراء مع عروض البيع لتتحكم في تحديد ثمن القيم المالية المتداولة. 

مثلا شركة "سبتة المغربية" تريد الاستثمار في سندات، أي شراء مجموعة من السندات (السندات نوع من القيم المالية التي سنقدمها في المقال اللاحق)، و شركة "مليلة المغربية" قد طرحت سندات لتمويل مشروع ما، فهي إذن باحثة عن التمويل. في السوق المركزية لا يمكن لشركة "سبتة المغربية" أن تتفق مع شركة "مليلة المغربية" على انجاز الصفقة بطريقة مباشرة كما هو الحال في سوق الكتل، لكن شركة "سبتة المغربيىة" ستصدر أوامر بشراء مستندات كما سيصدر الآخرون، و سوف يتم تجميع كل أوامر البيع و الشراء من مختلف الأطراف و تنفيذها. بالنسبة للتنفيذ تعطى الأولوية إلى السعر و وقت استلام الأمر و من المفروض أن يتم التنفيذ في شفافية تامة و بدون صفقات هامشية تحد من التنافسية بين المستثمرين.  
  
الجانب التنظيمي: 

يتم تجميع أوامر البيع و أوامر الشراء في فترة ما قبل الإفتتاح، ثم ينتهي اصدرا الأوامر ليدخل السوق في مرحلة تنفيذ أوامر البيع و الشراء، ثم مرحلة ما قبل إغلاق جلسة التداول، ثم تدخل المراقبة.



مثال جدول أوامر البيع و الشراء


الفاعلين في السوق المغربية :

شركات البورصة، مجلس القيم المنقولة، ماروكلير، الجمعية المهنية لشركات البورصة و وزارة الإقتصاد و المالية. كل واحد من هؤلاء الفاعلين له أدوار و وظائف معينة، بعضها تتقاطع و البعض يكمل البعض الآخر. لكن تسير في مجملها في سياق سيادة القانون و حماية المستثمرين.

مؤشرات السوق المالية المغربية : "مازي"  و  "مادكس"

مازي عائم : مؤشر عام يشمل جميع القيم المنقولة من نوع الأسهم، أي انه لا يشمل السندات و المنتجات المالية المشتقة ...، يقتصر فقط على الأسهم لكنه يضمها جميعها. (الأسهم هي قيم مالية تمثل جزء من رأس المال، عندما تمتلك سهما يعني أنك مساهم في رأس مال الشركة).

 مادكس عائم : مؤشر مدمج يتكون من القيم الخاضعة للتداول المستمر، أي أنه لا يقتصر فقط على الأسهم بل يضم الأنواع الاخرى لكنه يقتصر فقط على القيم التي يتم تداولها بشكل مستمر في بورصة الدار البيضاء. 
  
مؤشرات قطاعية: مؤشر مدمج يتكون من القيم المنتسبة لنفس القطاع، أهمية هذا النوع من المؤشرات أنه يتابع التغيرات حسب قطاعاتها. أهم القطاعات : الأبناك، التأمينات، المناجم، العقار، الكيماويات، البناء و مواد البناء ...

      ما يستفاد :   عندما تشاهد النشرة الإقتصادية:

عندما تسمع ان مازي سجل ارتفاعا بنسبة 2 في المائة، هذا يعني ان معدل تغير قيم أسهم الشركات ارتفع بنسبة 2 في المائة، هذا لا يعني ان كل الشركات ارتفعت بنفس القيمة و لكن هنالك أسهم شركات حققت ارتفاعا و أخرى انخفاضا و أخرى ربما لم تتغير، و هذا ما يفسر تقديمهم لجدول يبين أهم الارتفاعات المسجلة و أهم الإنخفاضات المسجلة.

بالنسبة لمادكس، هو معدل تغير أو تقلب القيم الخاضعة للتداول المستمر بغض النظر هل هي أسهم أم أشكال مالية أخرى، عندما يسجل مادكس مثلا انخفاضا ب2 في المائة، يعني أن القيم المالية التي يتم تداولها (بيعها أو شراؤها) باستمرار قد حققت معدل تقلب ناقص 2 في المائة، و ما قلناه على مازي ينطبق على مادكس، و هو أنه مجرد معدل و لا يعني أن كل القيم حققت نفس الرقم، لكنها حققت أرقام مختلفة و التي أعطت معدل ناقص 2 في المائة.

بصفة عامة:

تجدر الإشارة إلى أن البورصة تشكل مرآة الإقتصاد و الأمن و الإستقرار السياسي لبلد ما، و تتأثر بشكل كبير بأي شيء قيد يمس استقرار هذه الأمور، فمثلا في بلد ما عرف أحداثا أدت إلى انعدام الأمن، انعدام الامن هذا قد يكون سببا في انهيار القيم لأن الكل يريد أن يتخلص من استثماراته و الخروج بأمواله من اقتصاد هذا البلد، و بما أن الكل يريد البيع و لا أحد يرغب في الشراء فمن الطبيعي أن تسجل البورصة انخفاضا حادا في تقلبات قيمها. و العكس صحيح عندما يكثر الطلب و يقل العرض. (تماما كما يقع في رمضان عندما يكثر الطلب على الطماطم، و كمية العرض لا تكفي للاستجابة لكل طلبات الشراء مما يؤدي إلى ارتفاع كبير في أثمنتها)